سورة الحجر - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحجر)


        


قوله تعالى: {وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا} بسطناها على وجه الماء، يقال: إنها مسيرة خمسمائة سنة في مثلها دحيت من تحت الكعبة {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} جبالا ثوابت، وقد كانت الأرض تميد إلى أن أرساها الله بالجبال {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا} أي: في الأرض {مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} مقدَّر معلوم.
وقيل: يعني في الجبال، وهي جواهر من الذهب والفضة والحديد والنحاس وغيرها، حتى الزرنيخ والكحل كل ذلك يوزن وزنًا.
وقال ابن زيد: هي الأشياء التي توزن وزنًا.
{وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} جمع معيشة، قيل: أراد بها المطاعم والمشارب والملابس وهي ما يعيش به الآدمي في الدنيا {وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} أي: جعلنا فيها من لستم له برازقين من الدوابِّ والأنعام، أي: جعلناها لكم وكفيناكم رزقها، و{من} في الآية بمعنى ما كقوله تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ} [النور- 45].
وقيل: {من} في موضعها؛ لأنه أراد المماليك مع الدواب.
وقيل: {من} في محل الخفض عطفًا على الكاف والميم في {لكم}.


{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ} أي: وما من شيء {إِلا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} أي مفاتيح خزائنه. وقيل: أراد به المطر.
{وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} لكل أرضٍ حدٌّ مقدر، ويقال: لا تنزل من السماء قطرة إلا ومعها ملك يسوقها حيث يريد الله عز وجل ويشاء.
وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده قال: في العرش مثال جميع ما خلق الله في البرّ والبحر، وهو تأويل قوله تعالى: {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه}.
{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} أي: حوامل، لأنها تحمل الماء إلى السحاب، وهو جمع لاقحة، يقال: ناقة لاقحة إذا حملت الولد.
قال ابن مسعود: يرسل الله الريح فتحمل الماء فيمر به السحاب، فيدرُّ كما تدر اللقحة ثم تمطر.
وقال أبو عبيدة: أراد باللواقح الملاقح واحدتها ملقحة، لأنها تلقح الأشجار.
قال عبيد بن عمير: يبعث الله الريح المبشرة فتقمُّ الأرض قمًّا، ثم يبعث الله المثيرة فتثير السحاب، ثم يبعث الله المؤلِّفة السحاب بعضه إلى بعض فتجعله ركامًا، ثم يبعث اللواقح فتلقح الشجر.
وقال أبو بكر بن عياش: لا تقطر قطرة من السحاب إلا بعد أن تعمل الرياح الأربع فيه، فالصَّبَا تهيجه، والشَّمال تجمعه، والجَنوب تذره، والدَّبُور تفرقه.
وفي الخبر أن: اللقح رياح الجنوب.
وفي بعض الآثار: ما هبت ريح الجنوب إلا وبعث عينًا غدقة.
وأما الريح العقيم: فإنها تأتي بالعذاب ولا تلقح.
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، حدثنا أبو العباس الأصم، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا من لا أتهم بحديثه، حدثنا العلاء بن راشد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ما هبَّت ريح قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه، وقال: اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابًا، اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا. قال ابن عباس: في كتاب الله عز وجل: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} [القمر- 19] {إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات- 41] وقال: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر- 22] وقال: {أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} [الروم- 41].
قوله: {فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} أي: جعلنا المطر لكم سقيًا، يقال: أسقى فلان فلانًا: إذا جعل له سقيا، وسقاه: إذا أعطاه ما يشرب. وتقول العرب: سقيت الرجل ماءً ولبنًا إذا كان لسقيه فإذا جعلوا له ماء لشرب أرضه ودوابه تقول: أسقيته.
{وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} يعني المطر في خزائننا لا في خزائنكم. وقال سفيان: بمانعين.


{وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ} بأن نميت جميعَ الخلائق، فلا يبقى حي سوانا.
والوارث من صفات الله عز وجل. قيل: الباقي بعد فناء الخلق.
وقيل: معناه إن مصير الخلق إليه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8